تشعر فور هبوطك بمدينة لوزان بأنك بإحدى المدن الخليجية، كالظهران أو الدوحة أو دبي، لكثرة السياح من دول مجلس التعاون الخليجي الذين تمتلئ بهم المدينة خلال الصيف، بسبب جمال الطبيعة، وبرودة الطقس، وتنوُّع البرامج الترفيهية، وانتشار المتاحف وأماكن الترفيه العائلية، إضافة لقربها من مدينة جنيف.
والخليجيون يفضلون لوزان عن غيرها من المقاصد والوجهات السياحية السويسرية الأوروبية لتميزها ببحيرة جنيف، وإطلالتها على جبال الألب، وعلى مقربة من مدينة ايفيان الفرنسية الراقية، مصدر أنقى مياه في العالم.
وبحسب مسؤولي هيئة السياحة هناك، فإن أكثر من 70 % من مواطني دول مجلس التعاون الخليجي يكررون زياراتهم للوزان مرة على الأقل سنوياً؛ ما يشير إلى أنهم يفضلونها على بقية المدن السويسرية الأخرى.
ويقدر عدد زوار لوزان بثلاثة ملايين زائر سنوياً.
سِحْر الطبيعة
إن ما تكتشفه عين البشر في المرة الأولى قد لا يكفي لملء ظمأ الروح من جمال الطبيعة وجاذبية المكان في كل مرة تتجدد حالة التآلف بين الزائر والمكان؛ إذ يستطيع الزائر أن يدخل أبواب المدن الجميلة والساحرة التي ربما زارها الملايين من الناس قبله بأنه يكتشف المكان من جديد.
تبدأ زيارتك للوزان في مطار جنيف الذي يقع داخل حدود مركز المدينة، وعلى مقربة من بناية «الأمم المتحدة» وبناية «اللجنة الدولية الأولمبية».
لا يعاني السائح أو الزائر أي صعوبة في الوصول إلى جميع مدن سويسرا دون استثناء؛ فتحت المطار مباشرة توجد محطة قطارات، تتوزع سككها إلى كل المدن أو الهضاب في البلاد.
فالسفر هنا يخضع لإدارة المسافر، ويستطيع أن يختار بين الطيران والباصات والقطارات.. لكن العديد من السياح يفضلون السفر بالطائرة إلى جنيف، ثم يقضون يوماً أو يومين فيها للاطلاع على معالمها السياحية المختلفة، بعدها يسافرون إلى المدن الأخرى المستهدفة بواسطة القطار، ومنها لوزان.
ولوزان مدينة مدهشة؛ فهي تتكون من ثلاثة طوابق، في كل طابق من هذه الطوابق الجبلية التي نحتها الإنسان لتكون منبسطات توجد كل مستلزمات المدينة العصرية النموذجية. لكن الشيء الغريب في مدينة لوزان، التي هي عبارة عن ثلاث مدن في مدينة واحدة، أن الانتقال من الطابق الأسفل إلى الطابق الثاني أو الثالث بالنسبة للمارة الذين يستعملون أقدامهم لا يتطلب سوى دقائق قليلة؛ ففي كل شارع رئيسي تقريباً يوجد مصعد كهربائي واسع، يستخدم لغرض الصعود أو النزول من وإلى هذه الطوابق.
وبالإمكان أيضاً أن تلقي بنظرك من الطابق الثاني أو الثالث على الطابق الأرضي، وهكذا؛ فالمساحات بين هذه الطوابق ليست مغلقة، وإنما هي مساحات مفتوحة وطبيعية، وتربطها طرق جبلية مخصصة لسير السيارات والعربات، وكذلك لسير الناس أيضاً. لكن مشاق الصعود بالنسبة للكثيرين من هؤلاء الناس تجعلهم يختصرون الجهد والمسافة باستخدام المصاعد الكهربائية الموزعة في مركز المدينة.
شبكة المواصلات في لوزان شبكة واسعة ومتعددة؛ فهناك «المترو» ومحطات الباصات و«التروليبوس»، وكلها تعمل وفق نظام خاص ومنضبط، الهدف منه تقديم أفضل الخدمات للناس عموماً.
لوزان تقع ضمن النطاق الفرنسي. ومعلوم أن سويسرا تتكون من ثلاثة نطاقات، هي الألمانية والفرنسية والإيطالية؛ وبذلك فإن الأهالي يتحدثون بثلاث لغات.
ويبلغ عدد سكان لوزان نحو 130 ألف نسمة. وتقع على منحدر موقع النزول من الهضبة السويسرية إلى الشمال من شاطئ بحيرة جنيف العملاقة التي تربط جنيف بلوزان لوسعها وكبر حجمها، فكلتا المدينتين تقع على ضفاف هذه البحيرة الرائعة.
ومن سواحلها يستطيع الزائر أن يرى تلك الجبال التي تفصل سويسرا عن فرنسا، وهي ربما لا تبلغ مسافة الوصول إليها عبر البحيرة إلا بضعة كيلومترات فقط.
الجبال ما زالت تكتسي بطبقة من الثلج الأبيض، وإذا ما وقع عليها ضوء الشمس فإنها تبعث بألوان جميلة مختلطة ببياض الثلج.
أنهار لوزان
تجري في لوزان أربعة أنهار، لها سحر، ربما لا يوجد مثيل لها في أوروبا، فضلاً عن كونها تخترق أجمل الأماكن الجبلية، وتصطف على جنباتها الغابات وأشجار الفواكه المختلفة؛ وهي موضع للنزهة والرياضة المائية والصيد.
مرافق المدينة الأثرية والسياحية كثيرة، وجلها بني في القرون الوسطى.
وفي «لوزان» توجد حدائق ومتنزهات كثيرة، أبرزها حديقة النباتات التي تحتوي على أصناف وأنواع مختلفة من الزهور والنباتات. هناك حديقة المناظر الطبيعية. ويوجد في المدينة المتحف الرياضي في بناية اللجنة الأولمبية الدولية.
وتُعتبر ساحة واحدة من بين العديد من الساحات الأخرى التي بنيت في القرن الثامن عشر، ومنها العديد من المباني المعمارية القديمة والجميلة.
الوسط التراثي
وفي ميدان المدينة «سان فرانسوا»، وكذلك في الساحات والشوارع الأخرى، تنتشر المطاعم والمحال التجارية والأسواق المختلفة. فعلى مقربة من جامعة لوزان تتوزع شوارع قديمة وضيقة وجذابة للغاية، وفيها أسواق شعبية ممتعة. أما ساحة الجامعة الكبيرة فتتحول في كل يوم سبت إلى أسواق في الهواء الطلق.
ولعل أبرز معالم المدينة الأثرية التي يعمها السياح من كل حدب وصوب القلعة الكبرى التي تبعد عن مركز المدينة أكثر من 50 كيلومتراً، وتقع وسط الطبيعة الخضراء في الجبال القريبة من جبال الألب، ويبلغ ارتفاعها 830 متراً، وتعتبر من بين أكثر القلاع عظمة في سويسرا، واسمها مشتق من اسم طائر الكركي الشعا؛ لذلك سمي بيت النبلاء أيضاً، وهو يقع في القلعة، وقد عرف منذ القرن الحادي عشر.
أدخلت على القلعة أنواع من فن العمارة الرائع. وقد ساهم في بناء الصورة المعمارية للقلعة فنانون كبار، مثل كورت كاميليا برثليمي مين وآخرون. وقد غلب على رسوماتهم الطابع الرومانسي الارستقراطي الذي يبهر المشاهد العصري لقوة تكنيكه وتركيبة ألوانه وصوره الجمالية الأخرى.
شاركنا رأيك وكن اول من يقوم بالتعليق :)[ 0 ]
إرسال تعليق